الأسر السودانية

نشأ المجتمع السوداني الحديثا في بدايته من الرعاة والرُحّل، وقد تكونت عبر الأزمنة مجموعات صغيرة وتفرعت منها أسر ممتدة على أساس نسب الأقرباء والأسلاف الذكور. وجرت العادة أن يقوم أعضاء هذه المجموعات بالعمل على المحافظة على مصالح المجموعة وحماية أراضيها وإنشاء الروابط مع الأسر الأخرى عن طريق الزواج. وتشمل العائلات السودانية الحديثة الممتدة الأعمام والأخوال وأبناء العم والاخوة، وتحدد هذه الروابط الأسرية قدراً كبيراً من حياة الشخص الاجتماعية بما في ذلك فرص العمل والزواج، وعادة ما يكون زعيم الأسرة شيخاً كبيراً يحظى بقدر كبير من الإهتمام.

يعتمد الوضع الإجتماعي للأسر السودانية التي نشأت في مجتمع رعوي على حجم القطيع الذي تملكه الأسرة، وفي بعض القرى المستقرة تمتلك بعض الأسر حق امتلاك الأراضي، وفي عهود الأنظمة الإستعمارية كانت بعض الأسر والعائلات تُمنح مناصباً رفيعة ومكانات إجتماعية مهمة وقد أصبحت جزءاً من النظام السياسي الحديث بشكل تدريجي. لكن بالرغم من ذلك فإن الأفكار التقليدية حول السلطة والمكانة الإجتماعية لا تزال قائمة.

تتمتع معظم الأسر السودانية بقيم تقليدية قوية، يتم فصل الرجال عن النساء في كافة المناسبات الاجتماعية احتراماً للتقاليد وحفاظاً عليها. بيد أن هذا الأمر لا ينطبق على بعض الأسر التي تعيش في الأجزاء الجنوبية من البلاد. ومع إنتقال بعض الأسر الريفية إلى المدن، وبطبيعة متطلبات الحياة في فيها يختلط أعضاء هذه الأسر والمجتمعات الإثنية الاخرى في المدارس وأماكن العمل.

عادة ما تعيش الأسر الكبيرة في المدن الكبرى مثل الخرطوم وأمدرمان وتكون مرتبطة بالحكومة والأعمال التجارية والمهن.

 

المطبخ السوداني

يتم تناول الوجبات حول صينية كبيرة يلتف حولها أعضاء الأسرة وأي شخص آخر يود أن يتناول الطعام – فالشعب السوداني مضياف للغاية بطبيعته – وعادة ما يُتناول الطعام باليد اليمنى وباستخدام الخبز أو الكسرة أو العصيدة.

الطعام في السودان متنوع، تماماً مثل جغرافيته وثقافته، وتعتبر منطقة وسط السودان الأكثر تنوعاً وتلوناً في مطبخها وفي العادات والتقاليد التي تصاحب آداب المائدة بسبب أنها بوتقة تنصهر فيها الثقافات والشعوب السودانية المختلفة، لاسيما وأن المنطقة تعرضت للتأثير الخارجي بشكل مباشر خلال فترة الحكم الثنائي البريطاني-المصري. وقد أدى هذا الأمر إلى دخول بعض التوابل كالفلفل الأحمر وغيره من التوابل الاخرى للمطبخ السوداني، والتي وجدت طريقها للبلاد بواسطة المستوطنين العرب والسوريين خلال فترة الحكم التركي؛ ذلك بجانب اللحوم والمعجنات وبعض أنواع الخضروات والفواكه غير المألوفة للسودان.

من المقبلات المعروفة في السودان أم فتفت والمرارة وتصنع من أحشاء الخراف (الكبد والرئتين والأمعاء) وتضاف اليها البصل والملح والشطة وزبدة الفول السوداني، وعادة ما تؤكل وهي نيئة.

تعتبر أهم الأطباق الموجودة في السودان الكسرة. تُصنع الكسرة من الذرة، وعادة ما تؤكل مع الملاح وهو طبق رئيسي يُتناول في مُعظم انحاء السودان. يتكون الملاح من اللحمة المجففة، والبصل المجفف والتوابل وزبدة الفول السوداني، وفي بعض الاحيان يتم إضافة اللبن أو الزبادي له ليُكون ملاح النعيمية، أو يتم إضافة البامية ليصبح ملاح ويكة أو ملاح السبروق. أما ملاح المرس، فيُصنع من دهون الخراف التي يضاف اليها البصل والبامية المجففة، كما تستخدم الخضروات الأخرى مثل البطاطس والباذنجان لإعداد أنواع مختلفة من الملاح. وبجانب الكسرة، عادة ما يتم تناول الملاح مع العصيدة المُصنّعة من دقيق القمح أو دقيق الذرة.

يتميز المطبخ السوداني بالمدائد المصنوعة من القمح، أو الدخن أو البلح، وعادة ما يتم إضافة الحليب، والسكر، والسمن لها. وضمن الأطباق الاخرى الشائعة في المطبخ السوداني شوربة الكوارع التي تصنع من حوافر الخرفان المضافة لها الخضروات والتوابل. كما توجد شوربة المسلمية المشهورة باسم شوربة اربجي، وتتكون من الكبد، والدقيق والبلح والتوابل الأخرى.

أثبتت بعض الأدلة التاريخية أن النوبيون القدماء كانوا أول من اكتشف القمح، وأن العالم تعرف على القمح عن طريقهم، وقد ظل دقيق القمح هو الغذاء الأساسي لدى أهل الشمال في السودان ويستخدم في الأساس لصنع القراصة؛ التي تخبز في شكل دائري بحسب السُمك المناسب أو الحجم المطلوب حسب تفضيل مُعد الطعام.

يتميز شرق السودان بما يُعرف بالمخبازة وهي عبارة عن الموز المعجن الذي يؤكل كنوع من التحلية. أما في غرب السودان، تتبنى المجموعات القبلية اشكالاً متنوعةً من الغذاء يكون أساسها الحليب ومنتجات الألبان وذلك لأن معظم أهالي المنطقة من مربي الماشية. يعتمد أهل المنطقة كذلك على الدخن الذي يستخدم لإعداد عصيدة الدخن، وقد يضاف لها الشرموط الأبيض وهو عبارة عن لحمة مجففة. كما تشتهر المنطقة بملاح الكول المُعد من عروق بعض النبات المجفف.

يعتمد أهالي منطقة الجنوب على الأسماك كمصدر رئيسي للغذاء بسبب وفرة الأنهار والبحيرات والمستنقعات فيها. من أشهر الأطباق في الجنوب سمك الكجيك وهو عبارة عن سمك مجفف مطبوخ يتناول عادة مع العصيدة، وفي بعض الأحيان يضاف السمن لهذا الطبق ليُكسبه نكهة مميزة. كما تُصنع العصيدة في المنطقة من البفرة أو الكسافا وهو نبات من نفس عائلة البطاطس، وتضاف لها الملوخية مع زبدة الفول السوداني. من الأطباق الأخرى المعلومة في السودان الفسيخ وهو عبارة عن سمك يتم تخميره لفترة ويُحضر مع البصل، والتوابل والصلصة. يوجد الفسيخ كذلك في مصر، ولكن تختلف طريقة تحضيره وعادة ما يؤكل نيئ، ويُرجح أن يكون الفسيخ من أصل سوداني-نوبي تماماً مثل التركين والذي لا يمكن العثور عليه في أي مكان باستثناء شمال السودان.

المشروبات السودانية متنوعة ويعتمد أهل السودان على صنعها من الفواكه الجافة بطبيعتها مثل التبلدي والعرديب والقضيم أو الأوراق المجففة مثل الكركدي. تتوفر كذلك المشروبات الساخنة مثل الجبنة والشاي الأحمر. الجبنة عبارة عن قهوة مركزة تقدم من الدلة أو الجبنة؛ الدلة هي الإناء الذي تصب أو تسكب منه القهوة في الفنجان؛ يضاف السكر للجبنة وتتبل بالزنجبيل أو القرفة في بعض الأحيان. ومن المشروبات الساخنة الأخرى الشائعة شاي الأعشاب مثل الشيرية (الكردكي الساخن). خلال شهر رمضان المبارك يستمتع السودانيون بشراب الحُلومُر أو ما يعرف كاذلك بالآبري وهو مشروب مصنوع من دقيق الذرة والتوابل، ويُعرف كذلك بالآبري الأبيض في مراحل إعداده الأولى، أو النشاء حسب طريقة التحضير.