أقامت الولايات المتحدة الأميركية العلاقات الدبلوماسية مع السودان مباشرة بعد استقلاله من الحكم البريطاني المصري الثنائي في العام 1956م، وقد مرّت العلاقات بين البلدين بالعديد من المطبات عبر الأزمنة وخلال الإدارات والحكومات السياسية المختلفة في كلتا البلدين. ولعل أبرز نقطة في تاريخ علاقات البلدين كانت في العام 1996م حين قامت الولايات المتحدة بإغلاق سفارتها وسحب سفيرها وخفض مستوى التمثيل الدبلوماسي إلى القائم بالأعمال بعد أن تم تصنيف السودان كأحد الدول الراعية للإرهاب. ورغم إستئناف السفارة أعمالها في العام 2002م إلا أن مستوى التمثيل ظل كما هو ولم تشهد العلاقات أية تحسّن يُذكر. ولكن بعد التطورات السياسية الأخيرة الذي شهدها السودان وتبني الولايات المتحدة لسياسة أكثر تصالحية مع السودان في السنوات الاخيرى، بدا أن هناك تفهما من الجانب الأميركي لحساسية الواقع على الأرض في السودان ووجهة نظر السودان بشأن القضايا الإقليمية والدولية. والجدير بالذكر أن المرسوم التنفيذي الذي أصدره الرئيس السابق دونالد ترمب بشأن رفع العقوبات الاقتصادية عن السودان في العام 2017م قد أحيا الآمال في إمكانية حل القضايا الخلافية الأخرى مع الولايات المتحدة مثل إزالة السودان عن قائمة الدول الراعية للإرهاب وتحسين مستوى العلاقات الثنائية بين البلدين وإلى تجدد الآمال لإعادة العلاقات الاقتصادية وانتعاش التجارة على نطاق أوسع وإفساح المجال أمام التبادل التقني والثقافي والعلمي. وقامت الولايات المتحدة مؤخراً بتكثيف جهودها الدبلوماسية وحرصت على العمل مع كافة الأطراف الحكومية وغير الحكومية بغرض تقوية العلاقات الثنائية بينها وبين السودان. في العام 2017م قامت الولايات المتحدة برفع العقوبات الاقتصادية التي فرضتها على السودان منذ العام 1997م، كما قامت بإزالة السودان عن قائمة الدول الراعية للإرهاب في العام 2020م. وارتقى مستوى التمثيل بين البلدين في العام 2022م بعد ان قامت الولايات المتحدة بتعيين السيد جون قودفري سفيراً لها في الخرطوم وقام السودان بتعيين سفيره لدى الولايات المتحدة السيد محمد عبد الله إدريس في نفس العام الأمر، الذي وضع حداً لـ 26 عاماً من الجمود في العلاقات بين البلدين.
الآن ومع ارتقاء العلاقات بين البلدين ورفع العقوبات الاقتصادية وفك الحظر عن ممتلكات السودان يمكن للأشخاص الاميركيون والشركات التعامل مع الأفراد والكيانات في السودان وهو الأمر الذي سيتيح المجال لتنمية العلاقات الاقتصادية، والتي يأمل الجانبين الإستفادة القصوى منها حيث تُعتبر التجارة متواضعة جداً وأقل من تطلعات البلدين. في الوقت الراهن، تقوم هذه التجارة المتواضعة على حبوب القمح، والمعدات والآلات الزراعية، ومستخلصات الخضروات، والفنون والآثار. والجدير بالذكر في هذا الصدد أن السودان هو عضوا في السوق المشتركة لبلدان الشرق والجنوب الافريقي والذي لديه اتفاقية إطارية للتجارة والإستثمار مع الولايات المتحدة، ويأمل السودان أن يستفيد من هذه الفرصة بعد أن تم رفع العقوبات الاقتصادية عنه وبعد إزالته عن قائمة الدول الراعية للإرهاب.
رغم التحديات السياسية التي واجهت البلدان في الماضي إلا أنهما يتمتعان بتاريخ طويل في الصداقة والتعاون في الجوانب الإنسانية. حرصت الولايات المتحدة عبر السنين على تقديم المساعدات الإنسانية في أوقات الأزمات والتحديات الإنسانية القاهرة في السودان مثل فترات الجفاف والمجاعات، كما أسهمت الولايات المتحدة في إحلال السلام بين السودان جنوب السودان في العام 2005م، الأمر الذي وضع حداً لأطول الحروب الأهلية في تاريخ القارة الافريقية. أما السودان فقد كان له دوراً فعالاً في مساعدة الولايات المتحدة على مكافحة الإرهاب خلال الأعوام الماضية وقد أعربت الأخيرة عن امتنانها للسودان في هذا الشأن في عدد من المناسبات. ولسيت هذه سوى أمثلة قليلة عن التعاون والتفاعل المثمر الذي تتسم به العلاقات الثنائية الودية بين السودان والولايات المتحدة.
وصلت العلاقة بين المشرعين الاميركيين من كلا الحزبين (الجمهوري والديمقراطي) وشعب السودان وحكومته إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق خلال الفترة الماضية وخاصة بعد تطور العلاقات بين البلدين، حيث يتم تعزيز الشعور بالاحترام المتبادل والتفاهم أكثر من أي وقت مضى، ذلك أن إرث سوء الفهم بين المكون التشريعي الأميركي والحكومة السودانية خلال الفترات التي مضت قد استبدل باستعداد للتعاون في عدد من القضايا الإقليمية تشمل مكافحة الإرهاب والتنمية الاقتصادية الافريقية. وتواصل السفارة العمل بنشاط مع الكونغرس من أجل تزويد أعضائه بحقائق ثابتة عن السودان، وتهدف لخدمة جميع أصحاب المصلحة المهتمين بالتواصل مع السودان.